
في عالم الأسواق المالية، نعيش أيامًا مليئة بالتفاؤل، وأخرى مشبعة بالخوف، لكن أخطر مرحلة قد يمر بها المستثمر ليست الصعود أو الهبوط الحاد، بل مرحلة "عدم اليقين" حيث لا السوق مرتفع ولا منخفض، ولا أحد يعرف الاتجاه القادم!
هذه المرحلة تترك المستثمرين في حالة توتر دائم، يترددون بين البيع والشراء، وبين الخروج من السوق أو البقاء فيه، فما أسبابها؟ وما هي صفاتها؟ والأهم.. كيف نتعامل معها بذكاء؟
لماذا يدخل السوق في مرحلة عدم اليقين؟
هناك أسباب كثيرة تجعل الأسواق المالية تعيش حالة من الضبابية، وأهمها:
1️⃣ اقتصاد غير واضح: لما تكون معدلات التضخم متقلبة، وأسعار الفائدة غير مستقرة، والنمو الاقتصادي ضعيف، يدخل السوق في حالة من الترقب والانتظار.
2️⃣ أحداث جيوسياسية مربكة: الحروب، العقوبات الاقتصادية، الانتخابات، الحروب التجارية وحتى مجرد تهديدات سياسية، كلها تخلق حالة من الخوف والارتباك في الأسواق.
3️⃣ أزمات مفاجئة (ضربات السوق غير المتوقعة): مثل جائحة كورونا، انهيارات مالية مفاجئة، أو كوارث طبيعية تعطل الاقتصاد. هذه الأزمات تجعل الجميع يتساءل: هل الأمور ستعود إلى طبيعتها أم أن هناك أزمة جديدة تلوح في الأفق؟
4️⃣ تغييرات في السياسات المالية والنقدية: أي قرار مفاجئ برفع أو خفض الفائدة، أو تغيير في سياسات البنوك المركزية، قد يؤدي إلى ارتباك كبير في السوق، لأن المستثمرين لا يعرفون كيف ستكون التأثيرات طويلة الأجل.
---
ماذا يحدث عندما يدخل السوق في حالة عدم اليقين؟
عندما تدخل الأسواق في هذه المرحلة، هناك عدة إشارات واضحة تدل على ذلك:
🔹 تذبذب حاد في الأسعار: يوم أخضر، يوم أحمر، واليوم اللي بعده خليط بين الاثنين! السوق يتحرك بسرعة لكن بدون اتجاه واضح.
🔹 ضعف السيولة: المستثمرون يترددون في البيع أو الشراء، فتقل حركة التداول، والأسعار تصبح أكثر حساسية لأي خبر صغير.
🔹 غياب الاتجاه الواضح: لا السوق صاعد ولا هابط.. كأن الجميع ينتظر إشارة من السماء ليعرف إلى أين يتجه السوق!
🔹 هروب الأموال إلى الملاذات الآمنة: الذهب، الدولار، السندات الحكومية، كلها تصبح الوجهة المفضلة للمال الذكي في أوقات عدم اليقين.
ما هي النتائج؟ ومن الرابح والخاسر؟
هذه المرحلة لا ترحم أحدًا، لكن نتائجها تختلف حسب نوع المستثمر:
❌ المضاربون السريعون هم الأكثر تضررًا، لأن السوق يتحرك بطريقة غير متوقعة وقد يتسبب في ضرب أوامر وقف الخسارة عدة مرات.
✅ المستثمرون المحترفون قد يجدون فرصًا ذهبية عندما يبيع الخائفون بأسعار منخفضة.
❌ الشركات المدرجة تتأثر سلبًا، لأن المستثمرين يصبحون أكثر تحفظًا في شراء الأسهم، مما يؤدي إلى انخفاض الأسعار دون أسباب جوهرية.
✅ المستثمرون الذين يحتفظون بالسيولة يكونون في وضع قوي، لأنهم يستطيعون الدخول في السوق عندما تبدأ الرؤية بالوضوح.
كيف تتعامل مع مرحلة عدم اليقين؟
✦ لا تتخذ قرارات عاطفية: تجنب البيع لمجرد أن السوق يبدو غير واضح، فالقرار العاطفي هو أسرع طريق للخسارة.
✦ احتفظ بسيولة كافية: وجود كاش في محفظتك يجعلك مستعدًا للاستفادة من الفرص عندما يبدأ السوق بالاستقرار.
✦ استثمر في الأصول الدفاعية: الأسهم ذات التوزيعات الجيدة، والذهب، والسندات، كلها قد تكون خيارات جيدة لحماية رأس المال.
✦ تابع الأخبار الاقتصادية والسياسية: لا تكن مستثمرًا أعمى.. افهم ما يجري في العالم وتأثيره على الأسواق، حتى تتخذ قرارات مبنية على معلومات حقيقية.
✦ استخدم التحوط (Hedging): إذا كنت محترفًا، يمكنك استخدام الأوبشن أو العقود الآجلة لتقليل المخاطر خلال هذه الفترات.
ختاماً ..
مرحلة عدم اليقين ليست وقتًا للتسرع أو الخوف، بل هي اختبار لصبر وذكاء المستثمر. من يديرها بحكمة يمكنه الاستفادة منها، ومن يتصرف بعشوائية قد يدفع الثمن.
💡 نصيحتي؟ خذ نفسًا عميقًا، راقب السوق، وكن مستعدًا لاستغلال الفرص عندما تنكشف الغيوم!
ابو رسيل الثقفي ,,