الأدوات المالية في سوق المال السعودي

الأدوات المالية في سوق المال السعودي:

تنوع يُعزز النمو ويدعم الاستثمار المؤسسي

تُعد سوق المال السعودية واحدة من أكثر الأسواق المالية تطورًا في المنطقة، وتشهد نموًا متسارعًا في حجم التداول والعمق الاستثماري منذ انطلاق برنامج رؤية المملكة 2030، الذي استهدف جعل السوق أكثر انفتاحًا وكفاءة وجاذبية للمستثمر المحلي والأجنبي. ويعتمد هذا النمو بشكل أساسي على التنوع المتزايد في الأدوات المالية المتاحة، والتي تُمكّن المستثمرين من تنفيذ استراتيجيات استثمارية متعددة تتناسب مع مختلف درجات المخاطرة والأفق الزمني والعوائد المتوقعة.

1- الأسهم

من أبرز هذه الأدوات وأكثرها استخدامًا، نجد الأسهم، وهي تمثل حصة ملكية في الشركات المساهمة المدرجة. وتُعد الأسهم أداة مالية أساسية في تكوين المحافظ الاستثمارية، كما تُعتبر المؤشر الأكثر تداولًا بين الأفراد والمؤسسات داخل السوق السعودي. وتتوفر الأسهم في السوق الرئيسة، إضافة إلى السوق الموازية (نمو)، التي صُممت خصيصًا للشركات الصغيرة والمتوسطة ذات المتطلبات الإدراجية الأخف. كما تُطرح أحيانًا أدوات مرتبطة بالأسهم مثل حقوق الأولوية، والتي تمنح المساهمين فرصة الاكتتاب في أسهم إضافية عند زيادة رأس مال الشركة.

2- الصناديق الاستثمارية

تأتي بعد ذلك الصناديق الاستثمارية، والتي تنقسم إلى عدة أنواع من حيث البنية وطريقة التداول. أبرزها الصناديق العقارية المتداولة (REITs)، وهي صناديق تُدرج في السوق وتُتيح للمستثمرين تملك حصص في أصول عقارية مدرّة للدخل مثل المجمعات التجارية والفنادق. إضافة إلى ذلك، توجد صناديق المؤشرات المتداولة (ETFs)، وهي أدوات منخفضة التكلفة تعكس أداء مؤشرات سوقية محددة، وتُتيح للمستثمرين تنويع محافظهم بسهولة دون الحاجة إلى شراء كل سهم على حدة. كما تشمل السوق أيضًا الصناديق الاستثمارية المغلقة المدرجة، والتي تُتداول مثل الأسهم العادية، لكن بعدد وحدات محدود وفترة إغلاق محددة.

3- أدوات الدين

ومن بين الأدوات الأكثر أهمية للأمان المالي والتحوّط، نجد أدوات الدين، والتي تشمل الصكوك والسندات. الصكوك تُعد بديلًا شرعيًا للسندات التقليدية، وتعكس التزامًا ماليًا من الجهة المُصدِرة بدفع مبالغ محددة في تواريخ مستقبلية، وهي مناسبة للمستثمرين الذين يبحثون عن دخل ثابت بمستوى مخاطرة منخفض نسبيًا. وقد شهد السوق السعودي نموًا ملحوظًا في إصدار الصكوك والسندات السيادية والتجارية، ضمن جهود تعزيز التمويل طويل الأجل في القطاعين العام والخاص.

4- المشتقات المالية

ومن أبرز التطورات التي شهدتها السوق السعودية خلال الأعوام الأخيرة، هو إدخال المشتقات المالية، حيث تم إطلاق أول منتج مشتق في 2020 وهو العقد الآجل على مؤشر MT30، والذي يتيح للمستثمرين التحوط أو المضاربة على أداء المؤشر في المستقبل دون امتلاك الأصول المكونة له. وتُعد هذه الخطوة نقلة نوعية في عمق السوق، وتمهيدًا لتقديم مزيد من منتجات العقود المستقبلية على الأسهم الفردية، وربما لاحقًا عقود الخيارات (Options) وغيرها من المشتقات.

5. صناديق الاستثمار المشترك 

صناديق الاستثمار المشترك هي محافظ استثمارية يديرها مدير صندوق وتهدف إلى توفير فرصة للمستثمرين للمشاركة الجماعية في أرباح الصندوق مقابل رسوم محددة. وإحدى مزايا صناديق الاستثمار المشترك أنها يديرها متخصصون في إدارة الثروات.

,,

إن التنوع المتزايد في الأدوات المالية المتاحة في السوق السعودية لم يعد ترفًا استثماريًا، بل أصبح ضرورة حيوية لتلبية احتياجات فئات مختلفة من المستثمرين، بدءًا من الأفراد ووصولًا إلى المؤسسات المالية العالمية. وهو ما يعزز من كفاءة السوق، ويدعم السيولة، ويُسهم في تقليل الاعتماد على أداة واحدة، وبالتالي تقليل المخاطر النظامية. كما أن هذا التوسع يُعزز من مكانة السوق السعودية على خارطة الأسواق الناشئة، ويزيد من جاذبيتها ضمن المؤشرات العالمية مثل MSCI وFTSE Russell.

في الختام، يُظهر سوق المال السعودي نموذجًا واعدًا للتطور الهيكلي والمنتجي، حيث تتكامل جهود هيئة السوق المالية وتداول السعودية والمؤسسات المالية في بناء بيئة استثمارية متطورة، قائمة على الشفافية، السيولة، والتنوع المالي. وهو ما يُعد ركيزة رئيسية لتحقيق تطلعات رؤية 2030 في تحويل المملكة إلى مركز مالي إقليمي متكامل.

دورات قد تعجبك

المزيد